خلف تلك الجبال البارده هناك في ذلك الظلام الذي لم تره عيناي واحس به جسدي , بين بقايا الحرب الوحشية التي لم يكن هدفها سوا القتل والتعذيب والدمار الشامل , بحجة حماية امبراطورية كاذبه عنصريه تملك من الاسلحه ما لا يملكه شعب لا يملك قوت يومه الحالي اصلا , في تلك القرى وبين العشائر والقبائل بين الامراء والمجاهدين بين قوات السوفيايت وجنود طالبان الى جنود امريكا وقوات حفظ السلام المدعيه , الى ثقافة البوركا ( العبائه النسائيه الافغانيه بأوامر طالبانيه ) وبازارات كابول البسيطه , بين جنبات نضال عائلة افغانيه تعتبر من العوائل الجيده نسبيا بالنسبه لما حولها من عوائل الفقر , بين طيور الحب الخجولة التي تبحث عن قلبين صغيرين لتحط فيهما امانتها .. سرحت معها .. اخذتني بعيدا بعيدا .. وياله من بعيد .. هنالك في افغانستان انخت راحلتي وحيدة مرهقه لأسمع و أرى .
كان توقيتها جيدا جدا ,, احتجت ان اذهب الى ذلك البعيد , فزلزال ليبيا وسوريا واليمن اقض مضجعي , واعصار غزه مزق ما بقي مني , لم يكن هروبي نسيانا ولم يكن جبنا , ففي هذه الروايه لم اهرب من رياح الواقع الا لاجد فداحة جرم الماضي , نعم فقد فتحت الكاتبة في هذه الروايه اوراق ماض لم اعرفه من قبل , او ربما لم تترك العراق لي خيارا الا لأنسى او اتناسى افغانستان , اذكر وقتا كانت احداث كوسوفا وما يفعله الصرب من جرائم بدائيه هي شغلي الشاغل , وقتها كنت في المرحله المتوسطه , كانت هناك صوره لطفل من الشيشان يرتدي بدلة صوفيه ويبدو البرد حوله قاسيا , وكان هناك شعرا , لا اذكر فحواه , لكن اذكر اني بكيت واقسمت قسما لا اذكر محتواه ايضا , ولكنه قسم اعتقد بما معنى اني سأفعل شيئا يوما ما ... تبدو اليوم الذكرى باهتة جدا .. لم تعد لدموعي نفس تلك القوة .. فقد اصبح البكاء شيئا يوميا بالنسبة لي , اذ لم ابكي اليوم فذلك يعتبر شيئا غريبا علي , احادث صديقتي في الثالثه فجرا لابكي شهداء مصر , احادثها بعد شهر لابكي ليبيا واليمن , اما اليوم فانا لم اعد احادث احدا ..
كل ما عرفه اني ابكي بصمت ..
لست متشائمه .. بل ربما انا سعيده بما يحدث من صحوه في عالمنا العربي .. فهاهم الطغاة .. تزال عروشهم , عرشا عرشا .. ولكني ارى الشهداء يتساقطون كأوراق شجر الخريف .. اغبطهم يوما على حسن الختام ولقاء الحبيب المنان , وابكي رحيلهم عن احبائهم اياما اخرى .. تتخبط مشاعري و تتسأل لم كل هذا الظلم , لم كل هذا الكره والحقد للإنسانيه , لم كل هذا الفحش والوحشيه , اذا اردت ان تكون متوحشا هكذا فاطلب من الله ان يخسفك حيوان ,, حقا هل هذه هي سنة الحياة , شريعة الغاب !!.. لكان خلقنا الله حيوانات لنفترس بعضنا بعضا ... حقا لا استطيع استيعاب كل هذه المشاعر السوداء .. وما يزيدها فجرا .. انها من المسلم لاخيه المسلم ... اشعر احيانا اني انتظر يوم القيامه بفارغ الصبر ( ليس لأن عملي يخولني ضمان الجنه ) ولكن حقا اريد ان اعرف ماذا سيحدث لهؤولاء .. يا رب سلم سلم ... اللهم حسن الختام ....
اه نعم الكتاب ..
ادهشني معرفة الكاتبة لكل تلك التفاصيل بحياة تلك العائله الافغانيه , من التفاصيل السياسية والنزاعات القبليه وتاريخ الافغان الحربي , الى الصراعات المنزليه الحميمه بين زوجين اثنين وعائلتيهما وجيرانهم وعشيرتهم .. حتى انها تطرقت الى كمية الدهن المستخدمه في الطبخ وعن تقاليد الافغان في الزواج , عن المشاعر الروحانية التي انتابت منصور ورغبته بالتطهر والتوبه بعد ان راودته تلك الافكار المحرمه , عن نشاط ليلى ورغبتها الشديده في العمل كمدرسة للغة الانجليزيه , عن شدة سلطان واستقامته وعشقه لكتبه ومكتبته ونضاله في الحفاظ على تراث بلده , عن زوجتيه اخواته وامه .. عن حياة المرأه الافغانيه وصراعها مع الحجاب وتقاليد مجتمعهم البدائي .. عن حكم طالبان ( الاسود برأي الكاتبه وليس رأي ) ...
هنا ربما اخذ موقفا ليس محايدا قليلا .. لا اعرف عن طالبان شي ولا اعرف عن ذلك الصراع الامريكي الطالباني الا الشيء اليسير .. ولا حتى عن الحكومه الافغانيه التي سبقت عهد طالبان ولا حتى عن من يحكم افغانستان حاليا .. كل ذلك تطرقت له الكاتبه .. لكن ربما هيا صدقت في الاحداث وما رأت لكن تبقى تلك الكذبه الكشوفه التي يحاول الغرب اقحامها في عقولنا بدون جدوى .. ان التدخل الاجنبي هو الحل لكل مشاكل الانسانيه وان دمقراطيتهم الكاذبه هي التي ستزرع الارض بالخير والسلام .. وان تعاليم الاسلام هي التوحش بعينه .. كانت هناك حياديه في بعض الصفحات .. والكثير من الفهم الخاطيء للاسلام .. لكن يبقى نقلها للحياه الافغانيه عميقا جدا وحميما جدا ..
وهذه بعض مما سكن خاطري ومرعليه قلم التأشير الاصفر مشيرا الى تميز ما لامسه ^_^
# يجلس سلطان على المقعد الخلفي للحافله , محشورا بين المسافرين , اما حقيبته فتستريح تحت قدميه . وفي داخل الحقيبه يوجد مشروع عمره , وهو مكتوب في قصاصة ورق . فهو يرغب بطباعة الكتب المدرسيه الجديده لأفغانستان . فعندما تفتح المدارس ابوابها في هذا الربيع , فسوف لا يكاد يجد احد اي كتب صالحه للتدريس . فألكتب التي قامت بطباعتها حكومة المجاهدين والطالبان لا نفع فيها . فهذه هي الطريقة التي يبدأ فيها تعليم الاحرف الهجائيه للاطفال في السنة الاولى كما يلي : * الحرف أ * يرمز ال اسرائيل التي هي عدوتنا ؛ والحرف ج * يرمز الى الجهاد , غايتنا في هذه الحياة ؛ والحرف ك * يرمز الى كلمة كلا شينكوف , سبيلنا الى الانتصار , ... والحرف م* يرمزالى المجاهدين , فخرنا وابطالنا .... و الحرف ط* يرمز الى حركة طالبان ...
LOOOOL قمة الذكاء ^_^ طبعا الكاتبه ما عجبها !!
# و المسجد الازرق اية في التجلي والروعه في اشراقة وسط العتمه . انه اجمل الابنيه التي كانت قد شاهدتها عينا منصور على الاطلاق . اما الانوار الغامره للمسجد فهي هديه من السفارة الامريكيه , وذلك لمناسبة زيارة السفير الى هذه المدينه عشية رأس السنه . و المصابيح الحمراء تضيء الميدان المحيط بالمسجد , ذلك الميد ان المحيط بالزورا . هذا هو المكان الذي سيتوسل فيه منصور الصفح والغفران والتطهر من الذنوب والخطايا . هنا سيعود طاهرا نقيا . فهو يكاد ان يغمى عليه لمجرد إلقاءنظرة على المسجد الكبير .
# " لولا الجهاد , لكان العالم بأسره لا يزال يرزح تحت قبضة الشيوعية’ . لقد سقط جدار برلين بسبب الهزائم التي ألحقناها بالاتحاد السوفياتي , وبسبب الإلهام الذي اعطيناه للشعوب المقهورة . لقد تسببنا في تفسخ الاتحاد السوفياتي الى خمسة عشر جزءا . لقد قمنا بتحرير الشيوعيه . فالجهاد قد قاد الى ولادة عالم اكثر حرية . لقد انقذنا العالم بأسره لان الشيوعية قد لاقت مقبرتها في افغانستان ".
# وفي صباح احد الايام كان سلطان في مكتبته يرتشف فنجانا من الشاي الساخن ويراقب يقظة مدينة كابول من رقادها . عندما قام بوضع خطته حول كيفية تحقيق حلمه , فكر في مقطوعه شعريه مأخوذه من شاعره المفضل الفردوسي تقول ما معناه :
" ومن اجل انت تعيش
ينبغي عليك
ان تكون
في بعض الاحيان ذئبا
وان تكون شاة في بعضها الاخر"
# و تنطلق اصواتهن بالغناء في عتمة الليل بينما يقمن بالتصفيق و الرقص :
" جئنا ناخذ هذه الفتاة من بيتها الى بيتنا
يا عروس لا تخفضي رأسك ولا تبكي
فهذه ارادة الله , و عليك ان تشكريه
يا محمد , يا رسول الله صرف همومها
واجعل كل صعب ميسرا "
وترقص نسوة وكيل محركات ابدانهن ووجوههن داخل الشالات و الحجابات ........
# " اتشاريكينني الشعور ذاته ؟ " كان قد سألها . لكنها لا تشعر في الحقيقة بشيء . فهي يائسه فحسب . وها هي الان تفرض عليها حقيقة جديدة , فهي غير معتادة على الشعور بأي شيء . وهي تقنع نفسها بأنها لا تشعر بشيء , لأنها تعرف أن من واجبها الا تشعر بشيء . فالمشاعر ضرب من الخزي و العار , هذا ما كان قد ادخل في ذهن ليلى بحكم التربية .
ختاما ..
ارتحل مع رائعة اخرى , في رحلة طويله الى ايسلاندا الخضراء ولكن تلك قصة اخرى في بلاد بعيده .. حين تغني الاسماك ..